بثــورٌ شقية
نظَرت إلى وجهها في المرآة
وجنتها اليُسرى لم تتخلص بعدُ من الحبوب الدهنية التي ظهرت منذ أشهر و صمدت حتى الآن ،
تلمست وجنتها ،
" حتى هذه البثور غاضبة مني لأني لم أخبرك عنها ، وإلا لكانت اختفت منذ زمن،
كل شيء أمتلكه يُحِبُ أن أُحدثك عنه"
توقفت عن التفكير بُرهة..
"أشيائي لا تدركُ بعدُ ما حصل..إنها كالأطفال."
لبِست عباءتها و خرجت .
أصبحت تُحب الخروج كثيرا،
شعرت برغبةٍ مُلِحة في تناول قطعةٍ من الكعك،
هنالك شيءٌ بداخلها لا يُطفؤه إلا الحلوى ،
اتجهت بسيارتها لأقرب مخبز لتشتري صحنًا صغيراً به قطعتي كعك،
" تبدو مُغرية و لذيذة " حَدثت نفسها و هي تصعد السيارة،
أغلقت الباب لتدخل عالمها الخاص،
شغلت مُشغل mp3 ، و بدأت بتناول قطعة الكعك الأولى،
خُيّـلَ إليها أنه يود مشاركتها، ابتسمت له..
" و أنت أيضًا يا عزيزي، لا يجب أن تُفسِدَ عليَ طُقوسَ خَلوتي مع قطعة كعكٍ و مشغل mp3 "
طارت بلا أجنحة مع الشيلات التي تستمع لها و القطعة اللذيذة في فمها،
كم تُحبُ هذا التحليق ، بعيدًا عن كل الضوضاء الخارجية،
و ضجتها الداخلية.
لمحت البدر في السماء، ما أجمله!
تذكرت أول معرفتها به، كان القمر بدرًا، فأصبحت تتذكره عند كل بدر،
تحسست البثور في وجنتها،
إنها تُذكِـرُها به أيضًا، أو أن ذكراه تُعيدُ لها مشكلة البثور في وجهها،
اتجهت لأقرب صيدلية لتبحث عن حلٍ لها.
عادت إلى غرفتها بقطعة الكعك الثانية- التي كان من المفترض أن يأكلها و هو يشاركها استرخاءها- ، و مرهمٍ جلدي،
وضعت القليل من المرهم على موضع المشكلة، ثم استلقت على سريرها و بيدها قلم و دفتر
يومياتٍ صغير، و كتبت :
يومياتٍ صغير، و كتبت :
" لم أخبرك بمستجدات بشرتي الصافية" ضحكت في سِرِها حين تذكرت أنه هو من نبهها ذات
يوم أن بشرتها طفولية ، ثم أكملت " لقد ظهرت حبيبات على وجنتي منذ أشهر، و يبدو أنها
مُستاءةٌ لأني لم أُحدثك عنها، لذا فهي ترفض أن تتركني حتى أُعرفكَ عليها ..
يوم أن بشرتها طفولية ، ثم أكملت " لقد ظهرت حبيبات على وجنتي منذ أشهر، و يبدو أنها
مُستاءةٌ لأني لم أُحدثك عنها، لذا فهي ترفض أن تتركني حتى أُعرفكَ عليها ..
أخبِرها أن تتركني ، لستُ مراهقة حتى تقفز هذه الحبيبات إلى وجهي"
سرحت قليلا ثم عاودت الكتابة:
" دخلتُ الصيدلية لأشتري مرهمًا فأتخلص منها، فأعطاني الصيدلاني مرهمًا لحب الشباب،
ضحكت في داخلي، كنت أظن أن حب الشباب لا يعاني منه إلا المراهقون..
ضحكت في داخلي، كنت أظن أن حب الشباب لا يعاني منه إلا المراهقون..
في مراهقتي لم أعاني من حب الشباب مطلقًا، فكيف و أنا سأتخطى عشرينيتي قريبًا؟!
لعل معرفتك جعلتني أعيش مراهقتي التي تجاوزتها دون أن أشعر بها"
توقفت..
أرادت أن تُكمل حديثها معه..
أن تستمر في سرد يومياتها له كما كانت تفعل،
أرادت أن تقول له على الأقل "تصبح على خير" حتى تُنهي حديثها معه بلباقة، فلا تكون أقل لباقةً
منه،
منه،
و لكنها آثرت الصمت،
وضعت نقطة في نهاية السطر، و خبأت دفترها بعيدا عن الأعين المتلصصة،
ونامت.
ونامت.
في مساء اليوم التالي، همت بالخروج كعادتها، نظرت إلى نفسها في المرآة نظرة خاطفة و اتجهت
إلى الباب، و لكنها تراجعت و كأنها تذكرت أمرًا قد نسيته، عادت لتنظر لوجهها في المرآة،
إلى الباب، و لكنها تراجعت و كأنها تذكرت أمرًا قد نسيته، عادت لتنظر لوجهها في المرآة،
البثور.. بدأت في التلاشي!
ضحكت ضحكة مجنونة "يا شقية.. أَ كان علي أن أخبره عنك حتى تتركيني بحالي؟!"
ثم..
اندفعت من عينيها دمعتان ساخنتان،
تراجعت عن الخروج هذا المساء،
جلست.. تنهدت.. و استسلمت لانقضاض الحنين و الذاكرة عليها.
انتهت
في أنفسنا " جواهل " _ إن جاز لي اللفظ _ ، لا ندركها إلإ من قبل من يُدقق فينا النظر ، حرصاً منه لنكون في عينيه دوماً على أجمل منظر . نحتاج لذلك الغوص في دواخلنا قبل الطفو على السطح.
ردحذفو حين لا نجد من يدقق فينا النظر،
حذفحين لا نجد تلك الروح القريبة .. مرآتُنا،
عندها من الضروري أن نسعى لإصلاح الداخل قبل ظهوره للملأ فيفضحنا.
مصالحة الذات ، والتعرف عليها عن قرب هو السبيل للخلاص من كل ذاك. وهذا ما ينقصنا، وللأسف نعلم يقينا بحقيقة ذلك ، ومع هذا نعيش في اتون الغفلة ولا عزاء! نهيم في عالم الخارج ونغفل عن الداخل ، لهذا نجد قوافل الحزن تنوخ مطاياها عند أبوابنا حتى تستوطنها وتستعمرها. فقط نحتاج لوقفة طويلة ، نفتح من خلالها باقي المحاسبة ليكون الحساب ، وعليه يتبدل الحال.
ردحذفبالفعل.. بوركَ مدادك.
حذفكلام يخليك تعيش الحدث👏👏👏👍
حذفشكرا للمرور الكريم
ردحذفسعيدة بكلماتك
الله أكثر من راااائع
ردحذفشكراااا.. سعيدة بمروركم
حذف