احم ِ قلبي يا ربي
أقتبس قصصي من مواقف تحدث حولي ..
تفضلوا معي:
... حينما رأته تسارعت نبضات قلبها.. تسارعت وبشدة.. بشدة..
تـَــبـــــِــعَ ذلك آلام البطن التي اعتادتها حين تتوتر..
يا إلهي.. وساقيها أيضا لا تحتملان الوقوف..
مشت بسرعة إلى أقرب كرسي وجلست..
إنه يقترب ، ومعه أحد أصحابه..
تشاغلت بكتاب في يدها..
مـــرَ بجانبها وكأنه لا يراها .. لم يــُحَـدثها و لم يُــلقِ السلام حتى..
كيف يمكن أن يحادثها ومعه صاحبه!
ابتعدا .. عندها فقط شعرت بالارتياح ، أسندت ظهرها إلى ظهر الكرسي ، نظرت إلى يديها، لا تزال أصابعها ترتجف، شعرت بالحرقة ودمعة ساخنة وَثــــَبَت إلى عينيها تكاد تفضحها لولا أنها تداركت الأمر.
لم تكن تعرفه و لم تـُرِد أن تعرفه.. كانت فقط ترغب في أن تتعلم مهارة الخط العربي من عنده.. حيث أنه كان يقيم دورات مبسطة في أنواع الخطوط العربية في إطار الأنشطة الطلابية.. هما طالبا بكالوريوس سنة خامسة في الجامعة، وهي متزوجة من ثلاث سنوات، ومع ذلك قلبها لايزال يهتز في هكذا مواقف.
عادت إلى بيتها.. إلى عائلتها الصغيرة التي تحبها.. جلست على الأريكة لترتاح من محاضرات الصباح، وإذا بصغيرها يأتي إليها يسابق الريح شوقا لرؤيتها ومن خلفه تقف عاملة المنزل تتبعه بابتسامة، ضمت طفلها إليها ثم ما لبث أن تركها وراح يركض إلى سيارته الصغيرة ، عندها فتحت حقيبتها و أخرجت هاتفها، وكما توقعت.. وجدت رسالة من عنده:"كيف؟.. بتحضري دورة الخط اليوم المسا؟ "
دموعها التي تداركتها صباح اليوم في ممرات الجامعة ، لم تستطع أن تتداركها الآن،
ذهبت إلى غرفتها وبكت بحرقة..
كانت تعلم أنه لا يقصد بهذه الرسالة إلا أن يراها بين طلابه ويستمتع باستفساراتها والحديث معها كما في نهاية كل درس ،
لقد صارحها بهذا .. نعم هو يستمتع بذلك.
دقائق ويدخل زوجها الغرفة بعد عودته من عمله:
" السلام عليكم.. ما الأمر؟.. أنتِ مريضة؟ "
لقد رآها وهي تبكي ، مسحت دموعها و ابتسمت له:
" لا حبيبي .. أنا بخير .. هههه.. تذكرت فيلم البارحة وبكيت"
ضحك زوجها ورد عليها وهو يمسح على رأسها كطفلة:
" ههههه.. هداكِ الله"
في المساء استعدت للذهاب إلى دورة الخط العربي وقلبها ينتفض.. حينما تفكر فيسبب خوفها ورهبتها، تشعر بأن قلبها بدأ يميل إلى صاحبها هذا، من دون أن تشعر..
وهي خارجة من المنزل .. وصلتها رسالة:
" لا تتأخري"
ثم.. رسالة أخرى..
" ما أعرف أشتغل ف الدورة وأنتي ما موجودة"
و كل رسالة تقبض قلبها قبضــًا ..
في البداية كانت ترد على رسائله ردودَ ساخرة فكاهية ، ولكنها منذ البارحة وهي تشعر بأن الأمر تجاوز الحد، وأن قلبها سيفلت من بين يديها..
" لماذا كل الرجال الذين أبدأ معهم و أستمر بعلاقة جادة صارمة أنتهي معهم إلى هذا المطاف؟! .. ألا يعرفون كيف يتعاملون مع النساء في إطار المعقول والمسموح؟"
حينها .. تذكرت دعاءً كانت تردده قبل زواجها حتى تحفظ قلبها الضعيف:
" اللهم اربط على قلبي"
أخذت تردده طوال الطريق ..
وصلت قاعة الدورة وجلست في كرسيها ، وهي ترى ابتسامته التي لم تفارقه ونظراته التي لم تفارقها منذ دخولها..
حينما انتهى الدرس أرادت الخروج سريعا قبل أن ينتبه لها و لكنه.. ناداها.. حيث لم يبقَ في القاعة سواهما
ردت: " نعم أستاذ "
- إلى أين ؟ أنتِ لستِ طبيعية اليوم ..
- لا أنا بخير
- لم نسمع صوتك اليوم
- ...
لم ترُد، هو الآخر صمت .. يبدو أنه شعر بأنه " زوَدها"
تراجعت خطوة:
- هل لي أن أذهب ؟
- هل أزعجتك؟
صمتت لدقائق .. ثم :
" أنا امرأة متزوجة .. وأنت تعلم ذلك .. هل يمكن أن تكون علاقتنا في حدود أستاذ وتلميذِه؟"
ثم أردفت:
" إن كنت تظن بأنك لم تتجاوز حدود هذه العلاقة فإني أظن بأني تجاوزتها"
نظرت إليه.. فإذا به يبتسم تعلوه مسحة ندم:
" أنتِ لم تتجاوزي حدودك .. ولكني أظن بأني جررتك إلى مالا تحبين..
أنا آسف..
ستكون علاقتنا كما تشائين أختي..
انسي ما كان وسامحيني"
امتلأ قلبها بهجة.. ابتسمت وقالت:
" أشكرك.. لا أريد أن أخسر الفائدة التي أجنيها من دوراتك."
خرجت من عنده وقلبها سعيد راضٍ.. الآن تستطيع أن تحضر معه الدورات والأنشطة دون شعور بالذنب تجاه من تحب..لقد صارحته واعتذر لها ..
هو لم يكن سيئـا معها .. غير أنها النفس الأمارة بالسوء التي بدأت تقوده وتقودها..
" شكرا لك يا إلهي .. لقد حفظت قلبي ورددته إليَ معافىً .. شكرا يا ربي"
تم النشر في المنتدى التربوي
بتاريخ 15/04/2014
تعليقات
إرسال تعليق